2016-01-29 | International News

أن تهاجر أو لا تهاجر

مترجم عن Times of Israel

Screen Shot 2016-01-29 at 8.14.32 PM

كمهاجرة تقدمية سأقول بالطبع؛ افتحوا الحدود لكل اللاجئين و دعوا أمريكا بلد حر للجميع. بمعنى اهر افتحوا البوابات لكل مقهور و مقموع ليدخل هذه البلاد.

بعد كل شئ، كان تمثال الحرية أقرب شئ للالهة لأمي. والدي و والدتي الذان قدما طلب لجوء لبد أحلامهما “أمريكا” .

كمواطنين مصريين لا أقارب لنا في الولايات المتحدة، كان علينا الانتظار عشرين عام قبل أن تتم الموافقة على طلب هجرتنا، و بالطبع لا أتمنى طول الانتظار هذا لأحد لكن هناك شروط يجب أن تتحقق قبل هذا. أبي، أمي ، أنا و أخي بدأت رحلة انتظارنا كيهود لا بلاد لهم في اليابان في العام ١٩٦٨. ٢١ عام من الانتظار و التحضير. كنّا غرباء غير مرتاحين، ملتصقين بغرباء مثلنا لا بلاد لهم. كل بضعة سنوات يمر بجوار بابنا موظف تابع للدولة ليسألنا: أين أوراقكم الثبوتية؟ كيف لا يكون لكم بلاد ؟ يغضب أبي و يقول: اسأل ناصر !

كان بامكاننا الانخراط ببرنامج عاليا، كان بالامكان الذهاب لاسرائيل، لكننا لم نفعل!

في العام ١٩٥٠ سجّلت موجة هجرة كبيرة من يهود الأراضي العربية حيث استقر معظم أقرابنا من يهود مصر و العراق في الشقق في أشدود (الجانب المصري) و رمات غان (الجانب العراقي) بعد رحلة معاناة و بؤس في مخيمات الصفيح و الأكواخ في الكيبوتز

رفضت أمي خيار الهجرة لاسرائيل وفقاً لبرنامج عاليا. أقاربنا كانوا يعانون هناك بعد أن طردوا من العراق و مصر بحقيبة ملابس واحدة. خسروا كل ممتلكاتهم و خسروا جنسيتهم بعد أن عاشوا في البلدان العربية مدة ٢٥٠٠ عام. طردنا فقط لأننا  يهود .

في هذه الأثناء كنا خارج العراق و مصر، كنا بلاد دولة و بقينا هكذا لمدة طويلة لأننا رفضنا خيار الهجرة لاسرائيل.

لم تكن أمي برغماتية فحسب بل كانت خائفة كذلك، قالت لي و الدموع تخنقها من ذكريات الفرهود عام ١٩٤١ حيث هاجم العرب يهود بغداد : (ماذا سيفعل والدك في اسرائيل ، لا يحتاجون تجار استيراد و تصدير لا يملكون أي أموال)! كانت الأصوات و الذكريات الأليمة من أيام الفرهود حيث كان عمر أمي ١٦ تخنقها على الدوام و تأبى أن تفارق خيالاتها.

سننتظر أوراق أمريكا .. درسنا عن كل شئ أمريكي في فترة انتظارنا

قرأت كل مجلة أمريكية حصلت عليها، ادخرت نقودي لأشتري مجلات أمريكية كانت شهيرة انذاك، استمعت لموسيقا الروك متمنية في كل عام ان يأتي رقمنا و نصل لأمريكا.

عندما وصلنا للوس انجلوس كنت حاضرة و كذلك كان أهلي. كنا نتكلم الانكليزية بطلاقة مع لكنة غير أمريكية و كانت اللغة الأنكليزية اللغة الرابعة لوالدي.

مع الوقت احتلت اللغة الانكليزية مكان اللغتين العربية و الفرنسية عند والدي حيث احتضنوا بحب بلدهم الجديد “أمريكا”.

لم يعد التمييز بين الذكر و الانثى له مكان في حياة والدي في أمريكا و تعليقات مزعجة عند الولادة ك”نتمنى أن يكون صبي في المرة القادمة” اختفت من حياتهم . لم يعد التمييز بين الجنس جزء من ثقافتهما و أمور كثيرة أخرى تغيرت في عادات والدي في حين وجدوا صعوبة في تقبل أمور أخرى.

كنت جدية في الحصول على حريتي في هذه البلد التي تسمح للفتاة أن تقود حياتها بنفسها . لم يكن الأمر سهل بالنسبة لوالدي الذان يمتد ماضيهما الى بلدان متحفظة كمصر و العراق و فيما بعد الهند و اليابان.

هم من اختاروا الذهاب لبلاد “حرة” كأمريكا و حريتي كفتاة كانت جزء من هذا الخيار .

“اما أن تكبر مع أولادك أو أن تخسرهم” كانت تردد أمي مثلها الشرق أوسطي هذا و هي تعاني من تمردي

لحسن الحظ دعم والدي والدتي ليتطوروا هم أيضاً في أمريكا و يجدوا أساليب جديدة للمعيشة كما كانوا تقدميين بكل معنى الكلمة و هذا ما كانت تحتاجه أمريكا منهم .

أشعر بالاحباط وأنحرف عما هو لائق سياسياً و  أشكك بقيمي التقدمية حين أفكر بأن اللاجئين المسلمين لا يجب أن يمنحوا كرت مفتوح للدخول لهذه البلاد !

أن تهاجر للغرب يعني أن تحتضن قيم هذا الغرب

كن جاهز للتخلي عن التفريق بين الذكر و الأنثى، لا تفكر بجلب قانون الشريعة معك و تخلى عن معاداة السامية و كن جاهز للاندماج مع الثقافات الاخرى.

الأمر بسيط، احتفظ باللغة العربية كلغتك الأم و لكن اجعل من الانكليزية لغتك الأولى. لتنجح بأمريكا يجب أن تكون جزء من هذا المزيح الثقافي الرائع الذي يتم تقييمه وفقاً لاحترام كل فرد الحريات الشخصية للاخرين.

لا يمكن للحلم الأمريكي أن يتحول لكابوس شرق أوسطي من القمع !

سأقول هذا كمهاجرة يهودية شرق أوسطية : تريد جلب حقدك على اليهود و المرأة لهنا ؟ تريد ردع المرأة عن العمل و قيادة السيارة ؟ تريد أن يخاف الناس من ظلهم و تريد جلب الشريعة معك ؟ اذاً ابقى حيث أنت في الشرق الأوسط حيث كل هذه أمور عادية

أما أن تأتي لتغيرنا فهذا أمر مرفوض . كن مستعد لتغيير نفسك أولاً و اذا فعلت فأهلاً بك اذاً  .