2016-02-26 | International News

بار يافا : أكثر من مجرد تعايش

خلال السنوات الخمس الأخيرة و بدون أي اعلانات سياسية ، قام بار انا لولو بتمثيل تعايش كان أكثر مما نحلم به . جمع البار بين يهود و فلسطينيين ، مثليين و أسوياء،
wwأشكيناز و مزراحي . كل منهم مرتاح و مفتخر بهويته . جمعهم هذا البار سوية .

منذ حوالي الثلاث سنوات و بعد خمس سنين من النشاط المستمر تغير مالكي بار يافا حيث باعه نيف كال و ايلانا برونستين لبعض الموظفين و زبائن المحل الذين أرادوا له الاستمرارية. فكرة أنا لولو غير قائمة على الربح المادي و ليس البار مجرد حانة اخرى مضافة الى الحانات الموجودة في اسرائيل بل فكرة المحل تكمن في جمعها بين ثقافات متعددة و مختلفة عن بعضها البعض مما يجعل المكان مريح للعربي و اليهودي المشرقي و المغربي و المثلي.

علاقات اجتماعية، صداقات ، زواجات ، نزه مشتكرة و مشاريع و أفكار ولدت في بار يافا. عدد من الشبان العرب و اليهود انتقلوا للعيش في يافا بفضل مقهى انا لولو بعض منهم مالكي البار.

يقول مالكي انا لولو الذي ولد معظمهم في الثمانينات و هم شبان مثقفين حاصلين على شهادات عليا ” تعايش ؟ لا لم يقوم المحل من أجل كلمة التعايش وحدها التي مللنا من قولها دون تطبيق، بل مضمون المكان أبعد من هذا في بلد عليك فيه أن تظهر ولائك الكامل للدولة التي تضطهدك بسبب دينك و تمنع العلاقات بين الطلاب من ديانات مختلفة في المدارس. الانفتاح و العفوية التي يتميز بها زوار انا لولو هي ما يميزنا و هي بمثابة معجزة.

قبل أن يفتتحوا انا لولو ، كان لدى كال و برونشتاين بعض المخاوف منها خفنا أن نصبح جزء من السوق السياحي المنتشر في يافا و ندخل في المنافسة و المقارنة لكننا أصرينا منذ البداية على جعل بارنا بار استثنائي بعيد عن التوصيفات غير أنه بار للجميع ، للعربي و اليهودي و المثلي .

بعد طول بحث وجد الاثنين مكان مناسب لاقامة البار فيه . كهف ريهوف هابنينيم و هو عبارة عن محلين صغيرين متصلين ببعض عبر ممر ضيق في المحل الأول بار  و فسحة للرقص و في الغرفة الثانية طاولات و كراسي للجلوس وعندما علموا معنى كلمة اللولو في العربية قرروا تسمية البار بأنا لولو. قرر الاثنين اعتماد خطهم الموسيقي عندما حضر كال حفل كان فيه الدي جي محمد جبلي الذي أصبح شريك ثالث لهم في المحل . تستذكر برونشتاين: الحفل الأول كان كملحمة كبرى اتية من مكان اخر . الموسيقى و نوعية الناس كل شئ كان مختلف حتى بدأ الناس فجأة يرقصون الدبكة و هي رقصة تقليدية عربية ثم بدأ الناس بالتحدث بالألمانية، كل هذا كان مختلف عن أي احتفال اخر يحدث في تل أبيب ، كنا متأكدين من وجوب حدوث هذا كل أسبوع و هذا ما اتفقنا عليه مع جبلي.

لم يكن هذا الشئ الوحيد الذي فعله كال و برونشتاين بل بدأوا بعقد اللقاءات مع جبلي بشكل أسبوعي ، تقول برونشتاين : تعلمنا من جبلي الكثير ممن لم نكن نعرفه عن الثقافة العربية. أردنا أن نعرف كيف نكون لائقين سياسياً مع الرواد العرب تعلمنا كل هذا من جبلي الذي أعطانا الكثير من المعلومات دون بخل بكل رحابة صدر و روح مرحة .

ولد جبلي في الطيبة في عام 1979 و أكمل تعليمه في النصرة ثم درس ادارة الأعمال في القدس بعد ذلك انتقل لتل أبيب لدراسة الحقوق ثم قرر فجأة بأنه لا يريد أن يكون محامي بل كرس نفسه عوضاً عن هذا للفن و الثقافة ، يعمل اليوم في منظمة فلسطينية كما يعمل كمدرس تصوير في أكاديميةبازيليل للفن و التصميم في القدس . الى جانب ممارسة عمل الدي جي من وقت لاخر. و على عكس الديجيهات العرب الاخرين الذين توجهوا لليهود المزراحي بموسيقاهم ، نوع جبلي من عرضه الموسيقي حيث استخدم موسيقى لبنانية و مصرية و خليجية في ريميكساته.

 : خلق التقارب 

لم يكن الجو الموسيقي في أنا لولو جو عربي كلاسيكي فحسب بل أنواع مختلفة من الموسيقى كانت تعرض اضافة الى اقامة أمسيات شعرية و ثقافية جلبت زخم كبير للبار . تقارب مجتمع أنا لولو من بعضه البعض بشكل سريع ، في البداية كان معظم الرواد شبان يهود جاؤوا ليعبروا عن حريتهم في مرافقة عرب ، مثليين و يهود و اخرين ثم نما هذا المجتمع و شمل ناس من كافة التوجهات و الانتماءات هذا التقارب ولد جو جاذب للمعرفة و مولد للابداع و الصداقة.

ألما كالتز، أول موظفة في أنا لولو و التي تعمل في البار تقول أن أنا لولو كان بمثابة مدرسة لها علمها أنه بامكاننا الخروج عن الصورة النمطية التي تصورها مجتمعاتنا ، أنا لولو بالنسبة لها كان المكان الذي بامكانه استيعاب الجميع كما هم دون طمس انتمائاتهم أو الحد من اظهارها.

، مروان هواش، المدير الجديد لأنا لولو و أحد الشركاء الجدد للمحل،أصبح مروان على اطلاع على أنا لولو من عام و نصف، يعمل مروان في مجال الاعلانات و الاعلام الالكتروني حيث يعمل لصالح أحد شركات الانتاج التكنولوجي العربية .ولد مروان في بيت لحم و كبر في حيفا حيث لاحظ و عايش الفروقات بين الفلسطينيين و الاسرائيليين في هذه البلاد لكنه يقول ،حين دخلت لأنا لولو لأول مرة لم أشعر بهذه الفروقات على الاطلاق.

في البداية كان بعد رواد المحل من اليهود يطلبون عدم عرض بعض الأغاني العربية رغم أنهم لم يكونوا يفهموا معنى كلماتها كما كان يجد بعض العرب صعوبه في تقبل .بعض الأغاني اليهودية كأغنية تل أبيب لكن هذه الطلبات سرعان ما تلاشت حين عود انا لولو رواده على سماع كل شئ و قبول كل مختلف.يضيف جبلي : لم يكن هذا بالأمر السهل ، كانت تمر الكثير من اللحظات المريبة في المحل و لازالت تحدث في بعض الأحيان حتى الان . أنا شخصياً كنت أعاني من صعوبة في الرقص على أنغام أغاني زهور أرجوف لاسيما أغنيتها التي تقول “سنرقص و نشرب يوماً حتى الصباح في القدس الصهيونية ” اليوم صرت أستمع لهذه الأغنية في بيتي .

عدم وجود اتفاقات مسبقة و حلول وسط هو الذي حافظ على هذا الجو من التفاهم و التعايش في أنا لولو. عشية عيد الاستقلال الاسرائيلي كانت خير مثال على هذا التفاهم سألنا أنفسنا : ماذا عسانا أن نفعل في هذا اليوم ؟ قررنا أخيراً أن نحتفل بعلمين بيض معلقين خارج المحل مع موسيقى يهودية بلكنة اليدش أداها ايدلمان و موسيقى عربية أداها جبلي .

هنا تكمن روعة هذا المكان يقول بوكشيفسكي ، أحد زوار المحل الذي أصبح أحد الشركاء فيه فيما بعد ، ولد في أوديسا في العام 1983 ثم جاء لاسرائيل و كبر فيها حين كان في السابعة من عمره و هو يدرس الان ماجستير الفلسفة في جامعة تل أبيب . لم نحتفل في عيد الاستقلال و لم نرفضه كذلك كما أننا لم نتجاهله بل أتينا ببديل يرضي. الجميع و لا يرفضه أحد هنا تكمن ميازة المحل.