2016-04-21 | International News

زيارة يهود مشرقيين لمحمود عباس

554c71d687b44-20150508-115838

الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو أحد المؤمنين بالتواصل مع المجتمع المدني الإسرائيلي. و قد شعر بخيبة امل من سنوات من المحادثات الفاشلة مع الزعماء المنتخبين، الرئيس البالغ من العمر 81 عاما يستضيف بانتظام الطلبة الإسرائيليين والناشطين السياسيين اليساريين، والصحفيين لحضور اجتماعات مغلقة تليها جلسات الأسئلة والأجوبة في مقره. كما قامت  اللجنة المعينة خصيصا للتفاعل باطلاق صفحة الفيسبوك باللغة العبرية موجهة للمجتمع الإسرائيلي. مزينة بلافتة ملونة تقول  “السلام عليكم من فلسطين”.   و لكن نوعاً ما كانت هذه المجموعة من الزوار مختلفة . في يوم 28 مارس، أقلت حافلة مجموعة من الاسرائيليين تدحرجت ببطء الى رام الله  مساءاً. كان الركاب معظمهم من كبار السن، كانوا يتبادلون النكات باللغتين العربية والعبرية. كانوا تقريبا جميعهم مواطنين للأراضي العربية، من المغرب إلى العراق. مؤتمر ضخم كان يعقد في ذلك الوقت عن خطورة حوادث الطعن التي أقر فيها نتنياهو عدم وجوب اعادة جثث الطاعنين الى أهاليهم. في الجزء الخلفي من الحافلة، يجلس شاهار اورجاد، وهو محام من ريشون لتسيون اساعد اسرائيليي شمال أفريقيا ليحصلوا على الجنسيات الإسبانية والبرتغالية باعتبارهم من نسل تلك البلدان، قال انه كان مترددا حول المقابلة. يقول المحامي ” “أنا أنتمي إلى الجانب اليميني من الخريطة السياسية،” اعترف. “بعض الناس يسمونه أبو مازن (عباس) قاتل و مجرم، ولكن كما قال [موشيه ديان]،” الحمار فقط لا يغير رأيه. “أردت أن أرى الجانب الآخر.” لذلك اتيت . وقد سهل الزيارة  الاتحاد العالمي لليهود المغاربة،  وهي مظلة من  23 منظمة، مع مساعدة من الأعضاء العرب السابقين في الكنيست كطالب شرم صنعاء. قدم رئيس الاتحاد العالمي سام بن شطريت مهمة المجموعة على أنها بعيدة عن أن تكون مجرد احتفالية، ولكن عملية كذلك : لإقناع عباس للقاء نتنياهو واستئناف محادثات السلام.  لم أكن لأنظم هذا اللقاء دون موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، توصلت اليه و عرضت عليه الأمر و أخذت منه الموافقة لأجرب . يقول بن شطريط . وهو استاذ تلموذ هاجر من مراكش في العام 1963 وقال “لقد أوضحت لأبو مازن ومساعديه: نحن لا يمين ولا يسار. نحن في الوسط. ومن المعروف جيدا أن اليهود المغاربة كانوا نموذجا للتعايش بين اليهود والعرب “.

أعطة عباس بشكل واضح معاملة مميزة للمجموعة. من على المسرح طل وفد من المسؤولين من منظمة التحرير الفلسطينية في الصف الأمامي، وقف وهو يستمع بصبر إلى الخطب الطويلة لممثلو قادة المجتمع الإسرائيلي: العراقي والمصري، واليمنيون. ثم التقط الصور التذكارية الشخصية مع كل من ال 70 زائر على خلفية لوحة جدارية لجبل الهيكل. كما تناول الحشد  للعشاء الكوشير المطبوخ خصيصا في مطعم قريب مع للرئيس. وبعد ساعات، بعد جولتين من المحادثات توجهت المجموعة إلى القدس. وأكد عباس في كلمته ثلاث مرات انه ليس لديه نية للانحياز لصالج شريحة واحدة من المجتمع الإسرائيلي على أخرى ولكن مع ذلك شعرت بتقارب خاص مع المجموعة التي تزورني  لأسباب تتعلق باللغة والثقافة والتاريخ المشترك. و أضاف “أستمع إلى الموسيقيين الإسرائيليين كل يوم،”، ناقلا ولعه بالمطرب العربي الكلاسيكي ودمشقي الأصل موشيه إلياهو.وأعاد وإذ تأكيد مطلبه بوقف البناء في المستوطنات، وجعل هذا الأمر يتحقق سيؤدي الى تحقق لقائنا القريب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، و اعترف عباس بأن نتنياهو هو الممثل الشرعي والوحيد لإسرائيل. قائلاً “أريد لصنع السلام معه”.

قضية اليهود الشرقيين الإسرائيليين ما فتئت في بال عباس منذ فترة طويلة، هو الذي يعتبر نفسه عالما بالتاريخ الصهيوني وخبير في المجتمع الإسرائيلي المعاصر.حيث في كتابه 1977 البداية والنهاية للصهيونية،  يسلط الضوء على الكراهية بين اليهود الاشكناز وهم القادة  للحركة الصهيونية واليهود المزراحي أي الشرقيين، الذين تم اقناعهم من قبل الغربيين للانضمام الى الحركة في أعقاب قيام دولة إسرائيل. يقول عباس “إن أخشى ما يخشاه الغربيون هو الزيادة في أعداد الشرقيين، وتحول إسرائيل إلى دولة شرق أوسطية تذهب معها أهداف الصهيونية”. “هذا الخوف يصل في بعض الأحيان إلى هوس مجنون حتى أن بعض اليهود الغربيين يسألون أنفسهم : هل سنصبح جميعاً أصحاب بشرة سوداء بعد 50 عام” . ويضيف عباس الصهيونية هي مشروع استعماري أوروبي أساسا، الصهيونية لم نناشد اليهود الشرقيين الذين كانوا مندمجين بشكل جيد في المجتمعات العربية التي كانوا يعيشون فيها. ولكن بعد ذلك تم إنشاء دولة إسرائيل، و قامت الأنظمة العربية بخطأ فادح و هو محو اليهود من وسطهم من خلال القوانين التمييزية وسحب جنسيتهم. “ارتكب بعض القادة العرب السابقين أخطاء فادحة حين واجهوا الصهيونية عن طريق ظلم اليهود في بلدانهم. خطأ كبير آخر هو أن البعض لا يميز بين اليهودية والصهيونية. يجب علينا محو الجرائم الموجهة ضد اليهود من قبل أعداء الصهيونية. يجب أن ننتقل من علاقة العداء التي فرضت في العلاقات اليهودية العربية الى حلبة اخاء مع اليهود الذينكانوا يعيشون بيننا منذ مئات السنين دون أي معنى للتمييز أو الاضطهاد “.

إذا كانت الأمور على ما يرام بالنسبة لليهود تحت الحكم العربي، لماذا غادروا بشكل جماعي؟ هنا يبدأ عباس بالتفسير. كانت الصهيونية خطة ناجحة جداً لا شك  ولكنها لم تنجح بشكل حاسم. في اليمن، حيث فضل اليهود اعتناق الإسلام بدلا من الهجرة إلى إسرائيل. في الجزائر، فضل اليهود فرنسا على إسرائيل. ولكنه كان في نهاية المطاف الكيد من الأنظمة العربية مثل النظام العراقي أرسل اليهود إلى الجزار الصهيوني ضد إرادتهم، تحت الإكراه و هذا ما سمح للصهيونية بالانتشار بين اليهود السفارديم . “لم يكن هناك شيء طبيعي أو منطقي حول هجرتهم الجماعية من العراق”، يكتب عباس في الصفحة 50 من كتابه. “ليس من الصحيح أنهم غادروا لأنهم كانوا صهاينة أو لأنهم يرون أن إسرائيل هي تجسيد لطموحاتهم.” “دعونا لا ننسى الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها العرب، التي يستمدون منها الحب تجاه الوطن، أرض أجدادهم. في الوقت نفسه،يواجه الإسرائيلي باستمرار التململ، لأنه يشعر بأنه قطع من أي وطن، بلد، أو إقليم. كل الأساطير والقصص الخيالية التي وزعتها آلة الدعاية الصهيونية والتي تستخدم لغسل دماغه لا يمكنها أبدا إقناعه بالبقاء والدفاع عن الأرض لأنه يعلم في قلبه أنها تنتمي لاخرين “.

إذا كان الزعيم الفلسطيني لا يزال يعتقد بزوال دولة إسرائيل،  لم يكن ليتحدث عن ذلك منذ سنوات، كما أنه لم يكن ليذكر هذه هذه المشاعر أمام الضيوف السفارديم في رام الله. في محادثات أوسلو للسلام رعا الأشكينازي من متوسطي العمر محادثات السلام تلك التي لم تفضي للكثير ، الكثير من الاراء ارتأت أنه لو رعاها السفرديم لكانت النتائج أفضل . و كان شمعون شطريت، أستاذ القانون في الجامعة العبرية والذي خدم في عدة مناصب وزارية تحت حكومة اسحق رابين وشمعون بيريز، حذر من استخلاص استنتاجات قاطعة في هذا الشأن. “معرفة اللغة والثقافة تكون بالتأكيد أساس الحوار والتواصل”، وقال مواطن من أرفود، اللغة هي واحة في قلب الصحراء، فهنأه عباس على طلاقته الأدبية العربية وموقفه التصالحي قائلاً “أعتقد أن اليهود المغاربة، واليهود من بلدان أخرى [العربية]، لديهم الأدوات العاطفية الجيدة لادارة الحوار”.  ولكن بالنسبة لايميل شارفيت من هرتسيليا، الثقافة العميقة المشتركة ليست مجرد مكافأة عند التعامل مع العرب بل هي شرط أساسي لأية إمكانية للتطبيع. تتسائل “ما الخطأ التي تقوم به إسرائيل؟ “كل شئ” يجيبها رجل من مواليد القاهرة بالغ من العمر 75 عاما و الذي كان قد نفي من القاهرة في عام 1956 من قبل نظام عبد الناصر في أعقاب حملة سيناء! “.

وقالت زامير التي نفيت من مصر في عام 1949 مع عائلتها إلى مخيم المهاجرين في طبريا “ساعد موقف عباس الايجابي على التخفيف من سوء المشاعر، وقالت انها لا تزال لديها حساسية نحو العرب. “من السهل قول هذه الأشياء التصالحية. وقالت أتمنى يتحدث بهذه الطريقة لشعبه “. “اذا استمر هذا الأمر لمدة سنة، سوف يكون هناك سلام.”